-->

اعرف_نبيّك

الحَمدُ لِلَّه رَبِّ العَالَمِينَ وَبَعدُ، فَإِنَّ اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْعَمَ عَلَيْنَا بِجَوَارِحَ لِنَسْتَعْمِلَهَا في ‏طَاعَتِهِ وَمَا يَنْفَعُنَا، وَنَحْفَظَهَا عَنْ معاصِيْهِ أَنْعَمَ عَلَيْنَا بهذِه الْجَوَارِحِ لِيَبْتلِيَنَا أي يختبرنا ‏فيظهر من العباد ما علم الله تعالى وشاء أن يكون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. ‏فَمَنْ اسْتَعْمَلَ هذه الْجَوَارَحَ فيما يُرْضي اللَّه تباركَ وَتَعَالَى وتَجَنَّبَ استعمالَها فيما حَرَّمَ ‏اللَّه فَهُوَ مِنَ الشّاكرينَ، لَيْسَ عَلَيْهِ في الآخرةِ مؤاخذةٌ عَلَيْهَا لأنه اسْتَعْمَلَهَا فيمَا أَذِنَ اللَّهُ ‏فيه وحَفِظَهَا عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَحَرَّمَهُ، ثم هذه الجوارحُ بَعْضُهَا أَشَدُّ مِنْ بَعْضٍ في ‏ارتكابِ الْمَعَاصي، وأشدُّهَا ارْتكاباً للمعاصي اللِـّسَانُ ولذلكَ أوْصَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى ‏اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم بِطُوْلِ الصَّمْتِ إِلاَّ مِنْ الخَيرِ، الْخَيرُ هُوَ مَا كانَ مِنْ ذِكْرِ اللَّه، مِنْ قِرَاءَةِ ‏قرآنٍ، أَوْ تَهْلِيلٍ، أَوْ تَسْبِيحٍ أَوْ تحميدٍ، أَوْ تكْبِيرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مِنْ تمجيدِ اللَّهِ ‏تَعَالَى.‏
وكذلكَ الكلِمَةُ التي يَقُولُهَا المؤمِنُ لِيُدْخِلَ السُّرُورَ عَلَى أخيهِ الْمُؤْمِن، هذهِ مِنْ ‏حَسَنَاتِ اللِـّسَانِ، حتى إِنَّ السَّلاَمَ مِنَ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ حَسَنَةٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ ‏إِنْ نَوَى بهِ وجهَ اللَّهِ تَعَالَى، يَكْتَسِبُ بِالسَّلاَمِ عِنْدَ اللَّه أَجْرًا. ‏
ثُمَّ شَرْطُ الثَّوَابِ عَلَى هذه الْحَسَنَاتِ التي يَكْتَسِبُهَا بِلِسَانِهِ مِنْ ذِكْرٍ وَسَلاَمٍ عَلَى ‏المؤمِنِ هُوَ أَنْ يَقْصِدَ أَنَّ اللَّهَ تباركَ وتعالى أَمَرَ عبادَهُ بهذه الأشياء، أَمَرَنَا بِذِكْرِهِ ‏وتمجيدِهِ وتَسْبِيحِهِ وَتَقْدِيسهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْكَلاَمَ فيه مَنْفَعَةٌ أُخْرَوِيَّةٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ ‏مُبَاحَةٌ في شَرْعِ اللَّه تعالى مَعَ نِيَّةِ الاستعانَةِ بها عَلَى طَاعَةِ اللَّه تَعَالَى.‏
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَّنَا عَلَى أَنْ نَخْزِنَ أَلْسِنَتَنَا فيْما لاَ يَعْنِينَا. ‏
رُوِّينَا في كِتَابِ الصَّمْتِ لِعَبْدِ اللَّه بنِ محمد بْنِ عُبَيْدٍ الْقُرَشيِ أَنَّ رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ ‏عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : خَصْلَتَانِ مَا إِنْ تَجَمَّلَ الْخَلاَئِقُ بِمِثلهمَا حُسْنُ الْخُلُقِ وَطُولُ الصَّمْتِ ‏مَعْنَى الْحَديثِ أَنَّ هَاتَيْنِ الْخصلَتَينِ فيهما خَيْرٌ كبيرٌ : حُسْنُ الْخُلُقِ وَطُولُ الصَّمْتِ .‏
أَمَّا حُسْنُ الْخُلُقِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْ يَلْتَزِمَ الشَّخْصُ بَذْلَ الْمَعْرُوفِ لِلنَّاسِ، أَيْ يُحْسِنَ ‏إِلَى الناسِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، يُحْسِنُ إِلى النَّاسِ، وَيَكُفُّ أَذَاهُ عَنْهُمْ وَيَتَحَمَّلُ أَذَاهُمْ . حُسْنُ ‏الْخُلُقِ عِبَارَةٌ عن هذه الأمورِ الثَّلاَثَةِ : بَذْلُ المعروفِ أي الإحسان إلى الناسِ، تَبْذُلُ ‏إِحْسَانَكَ للنَّاسِ مِنْ  غَيْرِ أَنْ تَجْعَلَ إِحْسَانَكَ في مُقَابِلِ إِحْسَانٍ يَصِلُ إِلَيْكَ مِنْ غَيْرِكَ، ‏بَلْ تُوَطِـّنُ نَفْسَكَ عَلَى أَنْ تُحْسِنَ إِلَى الناسِ إِنْ أَحْسَنُوا إِلَيْكَ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنُوا إِلَيْكَ. ‏تَعْمَلُ الْمَعْرُوفَ مَعَ الَّذِي يَعْرِفُ لَكَ وَيُقَابِلُكَ بِالْمَعْروفِ وَمَعَ الذي لاَ يَعْرِفُ لَكَ ‏مَعْرُوفَكَ وَلاَ يُقَابِلُكَ بِالْمَعْرُوفِ تُحْسِنُ إِلَى هَذَا وَإِلَى هَذَا.‏
هَذَا الَّذِي يَعْنِيهِ الرسولُ، لَيْسَ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى مَنْ يُحْسِنُ إِلَيْكَ وَتُسِيءَ إِلَى مَنْ يُسِيءُ ‏إليكَ، بَلْ تُوَطِـّنُ نَفْسَكَ أَيْ تُلْزِمُهَا الإحْسَانَ إِلَى غَيْرِكَ، أَنْ تَبْذُلَ مَعْرُوفَكَ لِلنَّاسِ مِنْ ‏غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ إِلَيْكَ كما تُحْسِنُ إِلَيْهِمْ أَوْ لاَ يُحْسِنُونَ إِلَيْكَ، كَمَا كَانَ الأَنْبِيَاءَ ‏عَلَيْهِمُ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَم. أَنْبِيَاءُ اللَّه صلواتُ اللَّهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِمْ، كَانُوا يُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ ‏يَسْتَجِيبُ لهم وَإِلَى مَنْ لاَ يَسْتَجِيب لَهُمْ. ‏
أَيْ كانوا يُحِبُّونَ الْخَيْرَ لِلنَّاسِ، لذلكَ كَانَ دَأْبَهُمْ الصَّبْرَ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ غيرِهم مِنْ ‏أُمِمهِمْ الَّذِينَ يَدْعُونَهُمْ إِلَى الدِّينِ. وكثيراً مَا كان أولئك يُسِيئُونَ إِلَى الأنبياء ويُتْعِبُونَهُمْ ‏ويُؤْذُونَهُمْ ومعَ ذَلِكَ الأنبياء يَثْبُتُونَ عَلَى مَحَبَّةِ الْخَيْرِ لَهُمْ، والمرادُ بالخيرِ هُنَا هُوَ مَا كَانَ ‏خيراً عند اللَّه ، لَيْسَ الْخَيرُ هُنَا يُرادُ بهِ كلُّ مَا تُحِبُّهُ النَّفْسُ . ‏
كَانُوا لاَ يَطْلُبونَ مِنْهُمْ أَجْراً، إنما يَدْعونَهُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ثم أولئك الكفار ‏يُقَابِلُونَهُمْ بِالإيذَاءِ وَالسَّبِّ وَالافْتِرَاءِ عَلَيْهِم إِلا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ وهُمْ أهلُ السَّعَادَةِ الذينَ ‏شاءَ اللَّهُ لَهُمْ أَنْ يَهْتَدُوا بهَؤُلاَءِ الأَنْبِيَاءِ. ‏
هؤلاءِ كَانُوا يَسْتَجِيبونَ لَهُمْ مِنْ غيرِ أَنْ يُؤْذُوهُم كأبي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِي. ‏هَؤُلاَءِ مِنَ السَّابِقينَ إِلَى الإسلاَمِ. مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْبِقَ لَهُمْ أَذَى لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ ‏عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمُوا .‏
وقَد ضَرَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ في هَذا المَعْنَى مَثَلاً قَالُوا : يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ كَالشَّجَرَةِ ‏الْمُثْمِرَةِ تُعْطِي ثَمَرَهَا لِمَنْ يَخْبِطهَا وَلِمَنْ يَقْطفُ مِنْ غَيْرِ خَبْطٍ لَهَا أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْطَعَ ‏مِنْهَا غُصْناً، تُعْطِي لِهَذَا وتُعْطِي لِهَذَا ثَمَرَهَا . اهـ. أرسل هذا الخير لغيرك. رحم الله من كتبه ومن نشره

LihatTutupKomentar

القرأن حجة لنا


Membaca Al-Quran secara rutin tiap hari dengan metode: ”فَمِي بِشَوْقٍ“ Setiap huruf yang tersebut menjadi simbol dari awal surat yang dibaca. Maka: - Huruf “fa`” adalah simbol dari surat “al-fatihah”. - Huruf “mim” maksudnya dimulai dari surah al-maidah. - Huruf “ya`” maksudnya dimulai dari surah Yunus. - Huruf ”ba`” maksudnya dimulai dari surah Bani Israil yang juga dinamakan surah al-isra`. - Huruf “syin” maksudnya dimulai dari surah asy-syu’ara`. - Huruf “waw” maksudnya dimulai dari surah wash shaffat. - Huruf “qaaf” maksudnya dimulai dari surah qaf hingga akhir mushaf yaitu surah an-nas. Channel

murajaah

Literature Review

fikih (184) Tasawwuf (122) Local Wisdom (59) hadis (51) Tauhid (45) Ilmu Hadis (28) Bahasa Arab (25) Kebangsaan (23) Moderasi Beragama (22) Biografi (20) Tafsir (20) Al Quran (19) ilmu tafsir (2)

Dendam

Total Tayangan Halaman

HEAD

kongko bareng emte

Foto saya
belajar sepanjang hayat, santri berbahasa Arab dan Inggris dari Sukabumi Jawa Barat yang meretas dunia tanpa batas