الحمدُ للهِ، أمَّا بعدُ
المُسلمُ لمَّا يقولُ أعبُدُ اللَّهَ الواحِدَ، يكونُ المعنى أعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي لا يُشَارِكُهُ أحدٌ فِي الأُلُوهِيَّةِ.
وليُعْلَمْ أنَّ الأحَدَ إذا أُطلِقَ على اللهِ تعالى يكونُ بمعنى الواحِد كما قالَ بعضُ العلماء.
وَقَالَ عُلَمَاءُ ءَاخَرُونَ: الأَحَدُ مَعْنَاهُ الَّذِي لاَ يَقْبَلُ الانْقِسَامَ والتجزؤ، لأَنَّ الَّذِي يَقْبَلُ الانْقِسَامَ هُوَ الْجِسمُ، والجسميَّةُ مَنفيَّةٌ عن اللَّهِ، لأنَّ الجِسمَ ما له طولٌ وعرضٌ وسَمْكٌ وتركيب، وهذا لا يكونُ إلَّا للمَخْلوق، أمَّا اللَّهُ تعالى فهو الخالِقُ الذي لا يُشبِهُ المَخْلوق.
فربُّنا سبحانَه وتعالى لا طولَ ولا عرضَ ولا سَمْكَ ولا تركيبَ له، ليس جِسمًا قصيرًا ولا طويلًا ولا سَمينًا ولا نحيلًا، ولا يجلسُ على العَرشِ ولا يَقومُ ولا يَقعُدُ، ولا يَسكُنُ في السَّماء، ولا يُوصفُ بأيِّ صفةٍ من صفاتِ الأجسامِ فهو موجودٌ بِلا مكان، لا يحتاجُ إلى شىءٍ ولا يُشبِهُ شيئًا، "مهما تَصوَّرْتَ بِبالِكَ فاللهُ لا يُشبِهُ ذلك".
هذه عقيدةُ التَّنْزيهِ وهي عقيدةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعة، وتَنْزيهُ اللهِ تعالى، معناه نَفيُ النَّقصِ عن الله.
نَسألُ اللَّهَ تعالى أن يُميتَنا على هذه العقيدةِ السُّنِّية، والحمدُ للهِ ربِّ العالَمين أوَّلًا وآخِرًا وأبدًا.