عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ.. فَقَالَ اللَّهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ" رواه البخاري. ويقال قال تعالى، أي بلا حرف ولا صوت. الله منزه عن الحرف والصوت واللغة.
قوله: (الرحم شجنة) وأصل الشجنة عروق الشجر المشتبكة، والشجن بالتحريك واحد الشجون وهى طرق الأودية، ومنه قولهم "الحديث ذو شجون " أى يدخل بعضه فى بعض.
وقوله: "من الرحمن" أى أخذ اسمها من هذا الاسم كما فى حديث عبد الرحمن بن عوف فى السنن مرفوعا "أنا الرحمن، خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي" والمعنى أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها، فالقاطع لها منقطع من رحمة الله.
وقال الإسماعيلى: معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة، وليس معناه أنها من ذات الله، تعالى الله عن ذلك، نقله ابن حجر في شرحه على البخاري ويريد بذلك التنبيه على تنزيه الله عن الجسمية والتبعّض والتجزؤ. وكلام الاسماعيلي يدل على فساد بعض الدعاة إلى الضلال ومنهم خالد الجندي الذي فسر هذا الحديث بعبارات لا تليق بالله تعالى، وهو رجل متهوّر منحرف العقيدة له كثير من الفتاوى المضللة فيجب الحذر منه والتحذير، وقد منعه الازهر من الظهور في القنوات الرسمية المصرية.
قال القرطبى: الرحم التى توصل عامة وخاصة، فالعامة رحم الدين وتجب مواصلتها بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة.
وأما الرحم الخاصة فتزيد بالنفقة على القريب وتفقد أحوالهم والتغافل عن زلاتهم.
وتتفاوت مراتب استحقاقهم فى ذلك كما فى حديث كتاب الأدب عند البخاري كذلك "الأقرب فالأقرب". وقال ابن أبى جمرة: تكون صلة الرحم بالمال، وبالعون على الحاجة، وبدفع الضرر، وبطلاقة الوجه، وبالدعاء.
والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة، فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم فى الله هى صلتهم بشرط بذل الجهد فى وعظهم ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق، ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. أرسل لطفاً هذا الخير إلى غيرك.
