رَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْكَلامِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: «مَا اصْطَفَاهُ اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ».
مَعْنَاهُ بَعْدَ لا إِلهَ إِلا اللهُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ: «أَحْسَنُ الْحَسَنَاتِ لا إِلهَ إِلا اللهُ».
وَرَوَى النَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اصْطَفَى مِنَ الْكَلامِ: سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلا إِلهَ إِلا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ سُبْحَانَ اللهِ كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ عِشْرِينَ حَسَنَةً، وَإِذَا قَالَ لا إِلهَ إِلا اللهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ اللهُ أَكْبَرُ فَمِثْلَ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ كُتِبَتْ لَهُ ثَلاثُونَ حَسَنَةً وَحُطَّتْ عَنْهُ ثَلاثُونَ سَيِّئَةً». وَحُطَّتْ عَنْهُ أَيْ نَزَلَت.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». الزَّبَدُ مِنَ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ كَالرَّغْوَةِ.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ عَزَّ وَجَلَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللهِ الْعَظِيمِ».
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ فِي الْيَوْمِ أَلْفَ حَسَنَةٍ، قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟، قَالَ: يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ وَيُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ سَيِّئَةٍ».
ومعنى سُبْحَانَ اللهِ أي تنزه الله عما لا يليق به تَعَالَى كَالْجَهْلِ وَالْعَجْزِ وَالْمَكَانِ وَالْحَيِّزِ وَاللَّوْنِ وَالْحَدِّ، قَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 322 هـ: "تَعَالَى- الله- عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ، لا تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ"، وَمَعْنَاهُ لا يَجُوزُ عَلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا، فَإِذًا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ جَالِسًا لأِنَّ الْمُتَّصِفَ بِالْجُلُوسِ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا. قَالَ الإِمَامُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْعَرْشَ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ". ذَكَرَهُ الإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ الإِجْمَاعَ عَلَى تَنْزِيهِ اللهِ عَنِ الْمَكَانِ وَالْحَدِّ. ومعنى تنزيه الله أي نفيِ النقصِ عن الله. وفي الختام نسأل الله تعالى أن يميتنا على عقيدةِ التنزيه، عقيدةِ أهل السنة والجماعة.