قصة وفاة العالم الرباني
الشيخ عيسى البيانوني رحمه الله دفين البقيع سنة (1362)
حدثنا شيخنا الشيخ علوي المالكي رحمه الله لما زرته مع والدي الشيخ أحمد عز الدين رحمه الله في مكة عام ( 1385 )
فقال: أحدثك عن قصة وفاة جدك الشيخ عيسى: كان يحج كل عام، وينزل في بيتي القديم عند المسعى قبل توسيعه.
وكان من عادته أنه يزور المدينة قبل الحج، ويقضي فيها مدة طويلة، يوزع الصدقات التي يجمعها في حلب على الفقراء. لكنه فاجأنا عام وفاته، بمجيئه إلى مكة قبل المدينة!
وضمنا اجتماع مع عدد من العلماء الحجاج في بيتي، وعرضت علينا عبارة غامضة من عبارات التصوف، فاختلفنا في تفسيرها، لكن الشيخ عيسى، أفاض فيها بكلام جميل!
فقلت له: من أين لك هذا؟ فقال: قرأته في رسالة مخطوطة لأحد العلماء.
فقلت له: نرجو أن تصحب هذه الرسالة معك في الحج القادم، لنقرأها، قال: فضحك الجد ضحكة عجيبة، استغربناها جميعا منه!
ثم قال: أصحبها معي العام القادم! هذه السنة مافي رجعة إلى بلدي. لقد بشرني رسول الله ﷺ بذلك في المنام، وقال لي: "لقد حجزنا لك خلوة عندنا ياشيخ عيسى".
ولهذا غيرت خطتي، وجئت إلى مكة أولاً، لأكسب الحج، ثم أذهب إلى الخلوة..
فخشعنا جميعًا لكلامه، وقلنا خيرًا إن شاء الله. وكانت صحة الشيخ جيدة، لا تظهر عليه أعراض المرض، وصعد بعدها إلى عرفات، ثم أفاض إلى مزدلفة، وبات في منى أيامًا، وأصابه في اليوم الأخير زحار شديد(أي: إسهال) وألم في البطن، فطلب من أحبابه تعجيل سفره إلى المدينة.. وأدخل المستشفى فيها مباشرة للعلاج، وبعد ثلاثة أيام توفي رحمه الله وذهب إلى الخلوة الموعودة في روضة البقيع.
ثم قال الشيخ علوي رحمه الله: هكذا يا ولدي يفعل الحب الصادق لرسول الله ﷺ!.
وقد عرفت من والدي رحمه الله أن الجد كان كثيرًا ما يتمثل بقول القائل:
ولقد حرمت إقامة في طيبة ***
ياليت روحي بالمدينة تنزع
وكتبها: د. محمد أبو الفتح البيانوني غفر الله له.
واختصرها د. عبدالسميع اﻷنيس